مفهوم الترجمــة وشروطهــا
الترجمة نقل من لغة أجنبية إلى ما يقابل النص أو المصطلــح العلمي في اللغة العربيــة ، ونجاحهــا يعتمــد على مدى استيعاب المترجــم اللغتيــن وإجادتــه فن الترجمــة .
والترجمة فن وعلــم ، فهي فن لكونهـــا تستلزم شروط الإبداع وإن اعتبرهــا البعض إبداعــا من الدرجـــة الثانيــة ، وعلــم لضرورة توافــر شروط محددة في علميتهــا .
فقد أصبحت أحد فروع اللسانيات التطبيقية وما يتصل بهــا من علوم نحــو اللسانيــات النفسيــة والاجتماعيــة .. ولو أن ميشونيــك يرفض اعتبار نظرية الترجمة نوعا من اللسانيات التطبيقية .
فإعداد المترجم لا يقتصر على تمكينه لغويا بل على إعداده في ميادين المعرفة المختلفة وتمرسه بمفاهيم لسانية لكي يوضح لنفسه ما يقوم به من عمل ويحاول تنظيره .
وتتكون عملية الترجمة من شقين اثنين أولهما فهم اللغة المصدر أو ما يسمى اللغة الأولى ، وثانيهما التعبير في اللغة الهدف أي اللغة الثانية المترجم إليها . فلا بد للمترجم من أن يفهم معاني الكلمات والتعبيرات الاصطلاحية " idiomes" في سياقاتها المختلفة لأن الكلمات تتلون معانيها ، كما هو معروف ، بتلون السياق الذي ترد فيه . ثم لا بد من معرفة القواعد الأسلوبية أو ما يسمى أحيانا القواعد البلاغية ، أي القواعد التي تتحكم في ما يسمى مناسبة المقال للمقام . ثم ، أيضا ، لا بد من معرفة بثقافة اللغة (ثقافة النص) . و لا مناص من أن يكون المترجم ملما بحقل التخصص والمصطلحات الواردة في ذلك الحقل . (1)
يقول الجاحظ :(2) "ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة ، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليهــا حتى يكون منهما سواء وغاية " . ويرى أيضا أن المترجم لن يكون قادرا على أداء الأفكار الأجنبية وتسليم معانيها والإخبار عنها على حقها وصدقها إلا إذا بلغ في العلم بمعانيها واستعمالات تصاريف ألفاظها وتأويلات مخارجها مبلغ المؤلف الأصلي في اللغة الأجنبية (3) . فالترجمة تفسير وهذا يعني أن المترجم يفهم ثم يحاول أن يشرح ما فهم . فإذا لم يفهم النص الأصلي لم يمكنه أن يترجم ترجمة صحيحة . وهي حسب جان كوهين (4) تعني إعطاء مضمون واحد تعبيرين مختلفين ، ويدخل المترجم في حلقة التواصل وفق الخطاطة التالية :
المرسل ـــ الرسالة الأولى ـــ المترجم ـــ الرسالة الثانية ـــ المرسل إليه